في ظل التغيرات التى طرأت على سلوك المستهلكين فيما يتعلق باستهلاك وسائل الإعلام بكافة أنواعها خلال عام كامل من جائحة فيروس كورونا، التقت مجلة “تشيف ماركتنج أوفيسرز” عددا من خبراء التسويق والإعلام الرقمي، لمناقشهم حول توقعاتهم لحجم الإنفاق الإعلاني على الديجيتال ميديا خلال موسم رمضان المقبل والذي يتزامن للعام الثانى على التوالي مع جائحة كورونا، وما إذا كانت الطفرة التى حققتها الديجيتال خلال عام كامل من الجائحة ستلقي بظلالها على هذا الموسم، وإلى أى مدى سيتأثر التليفزيون (اللاعب الأهم فى ماراثون رمضان الإعلاني) بتلك التحولات، وغيرها من الأسئلة التى تشغل بال المسوقين ومديرى العلامات التجارية قبل رمضان.
مي عاشور: التليفزيون لازال أعلى وسيلة وصول والديجيتال سيستحوذ على جزء أكبر من الكعكة
قالت مي عاشور، مدير الإعلام الرقمي بوكالة ماجنا: منذ بداية جائحة كورونا، شهدنا قفزة كبيرة في سلوك المستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، مما سمح لمنصات جديدة بالظهور بقوة مثل “تيك توك”، ما يعني أن الناس أصبحوا أكثر اعتيادًا على التكيف مع بيئة أكثر رقمية. ومع اقتراب شهر رمضان وهذا الكم من المحتوى المرتقب، نتوقع أن ترى منصات المشاهدة حسب الطلب مثل “Watch It” و “Shahid” طفرة كبيرة ستعكس زيادة في الإنفاق الرقمي على الفيديو حسب الطلب “VOD”، وبدعم من وسائل التواصل الاجتماعي بما في ذلك “فيس بوك” و “يوتيوب”.
تابعت: نحن لا نتحدث هنا عن كبار مشغلي الاتصالات والعقارات والجمعيات الخيرية فقط، ولكن حتى عن المستثمرين الأصغر حجما أيضا، إذ أثبتت الوسائط الرقمية أنها نافذة للعلامات التجارية ذات الميزانيات المعتدلة لأنها توفر لها وصولًا قويًا بتكلفة مناسبة وكفاءة أكبر، مع قابلية للقياس مقارنة بالتلفزيون والفوضى الهائلة التي يواجهها خلال شهر رمضان.
وأكدت أن التلفزيون لازال أعلى وسيلة وصول على الرغم من الطفرة التي نشهدها على الوسائط الرقمية، إذ انه يظل وسيطًا فعالاً للغاية للعلامات التجارية ذات الأهداف الجماعية، والقائمة على الوصول خاصة للمستخدمين الأكبر سنا. لذلك سنظل نشهد إنفاقًا ضخمًا على التلفزيون في رمضان هذا العام ، خاصةً من المعلنين الكبار الذين يراهنون على مجموعة ضخمة من المحتوى؛ ومع ذلك، من المتوقع أن يستحوذ الديجيتال على جزء أكبر من الكعكة مقارنة بالسنوات السابقة ، خاصة وأن الشباب المصري يتحول الآن بقوة إلى سلوك استهلاك رقمي أكثر.
وأوضحت أن التحدي الأكبر هو التكلفة الرقمية التي يتحملها المستهلكون من تكاليف استهلاك الإنترنت واشتراكات الفيديو حسب الطلب. ومع ذلك ، فإننا نشهد جهودًا كبيرة من كل من مشغلي الاتصالات ومقدمي خدمات الفيديو حسب الطلب لجعل الأمور في متناول المستخدمين للحصول على تجربة أكثر سلاسة مع عروض وخطط اشتراك مختلفة.
وأشارت إلى أننا بحاجة إلى فهم سبب اختيار المستخدمين للتحول إلى استهلاك المحتوى الرقمي والإجابة بسيطة للغاية، فالأمر كله يتعلق بالراحة، حيث أن هذا التحول في نسبة المشاهدة ناتج عن البيئة المزدحمة على التلفزيون، إذ أصبح الاتجاه السائد في مصر هو وجود فواصل إعلانية متعددة أثناء البث التلفزيوني يمكن أن يبلغ متوسط مدتها 30 دقيقة وهو ما قد لا يكون هو الحال في أي مكان آخر في العالم.
أكدت أن ذلك يدفع المستخدمين إلى اختيار استكشاف خيارات أكثر ملاءمة مثل السوشيال ميديا والمنصات الأخرى التى تتيح لهم مشاهدة المحتوى في وقتهم الخاص مع فواصل أو انقطاعات أقل بشكل ملحوظ.
أضافت: لطالما شهدت العلامات التجارية فعالية كبيرة من الإعلانات التلفزيونية خلال شهر رمضان ، وهو ما يفسر الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها لمجرد أن المستخدمين لديهم قبول للمحتوى بما في ذلك الإعلانات وخاصة خلال بداية شهر رمضان.
ونوهت بأن الناس لا يتوقعون مسلسلات جديدة في رمضان فحسب ، بل يتوقعون أيضًا إعلانات، ومع ذلك، نظرًا للفوضى الكبيرة، يصبح التحدي الذي يواجه العلامات التجارية هو كيفية التميز، إذ يلعب العنصر الإبداعي دورًا كبيرًا خلال الشهر الفضيل.
وتابعت: في الواقع، غالبًا ما ننصح العلامات التجارية التي لديها نسخ إعلانات إبداعية متوسطة بتخطي موسم رمضان، لأنه بغض النظر عن حجم الاستثمار، إذا كان إعلانك غير قادر على الظهور الحقيقي وخلق ما يعرف بالـ”Word of Mouth” فسوف يصبح غير فعال بشكل كبير.
د. نور الدين رضا: 40% حصة التليفزيون المتوقعة من إجمالي الكعكة الإعلانية مقابل 60% لبقية الوسائل
قال الدكتور نور الدين رضا، مدير عام وكالة “Brand Bourne” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إن حجم الإنفاق على الإعلانات الرقمية في مصر خلال عام 2020 بلغ نحو 712 مليون دولار، بحسب تقرير صادر عن “We Are Social”؛ واصفا الرقم بالمرعب، وتوقع أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 50% بنهاية عام 2021 ليصل إلى 1 مليار دولار.
وأوضح أن هذه الزيادة ستتحقق بدعم من صناعات معينة مثل منصات المأكولات السريعة والدليفري مثل “طلبات” والمتاجر الإلكترونية مثل “سوق” وغيرهم فى حال استمرت الإجراءات الحكومية بمنع أو تقليص التجمعات فى ظل استمرار جائحة كورونا، مشيرا إلى أن المنتجات التى عادة ما تتواجد إعلانيا عبر التليفزيون ستغير نمطيتها وتتجه للإعلان على “جوجل”، وكذلك “يوتيوب” الذي يعتبر الأقرب لثقافة التلفزيون.
وتوقع رضا أن يصل حجم الإنفاق على الإعلانات الرقمية خلال شهر رمضان فقط إلى 300 مليون دولار، لاسيما أن معظم المعلنون رشدوا إنفاقهم منذ شهر يناير حتى الآن انتظارا لموسم رمضان والذي سيليه مباشرة موسم الصيف، لذلك فضل الجميع تركيز الإنفاق خلال هذا الفترة الزمنية الهامة.
وأرجع رضا هذه النظرة المتفائلة بشأن رمضان، إلى نجاح تجربة التركيز على الديجيتال فقط في موسم 2020 وسط انتشار جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية، مما يدفع العديد من العلامات التجارية التى نجحت فى البقاء على قيد الحياة فى ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة لتكرار نفس التجربة هذا العام.
ويرى نور أن الديجيتال سيستحوذ على حصة كبيرة من التليفزيون هذا الموسم في ظل اتجاه ثقافة المشاهدين نحو منصات المشاهدة حسب الطلب مثل “Watch it” و “Netflix”، فضلا عن الاتجاه السائد لدى البعض بمشاهدة المسلسلات التلفزيونية بدون إعلانات على “تليجرام”، مما يعنى أن الميزانيات الإعلانية الموجهة للتليفزيون ستكون أقل هذا الموسم.
ودعم رضا توقعاته بالتقارير الصادرة خلال العام الماضي والتى تشجع المعلنين على استخدام الإعلانات الرقمية، خاصة انها تمتلك ميزة الاستهداف وإمكانية تغيير مضمون الرسالة أو المحتوى في أى وقت إذا اكتشف المعلن عدم استجابة جمهوره معها، فضلا عن إمكانية التواصل المباشر مع الجمهور والتعامل مع ردود أفعاله سواء كانت سلبية أو إيجابية، بعكس التليفزيون وإعلانات الأوت دور اللذن يقتصر دورهما على توصيل الرسالة فقط.
وأكد أن هناك ثوابت ستظل باقية عند الحديث عن الوسائل الإعلانية، إذ أن التليفزيون والراديو والاوت دور سيظلوا متواجدين لكن هناك اختلاف سيطرأ على كيفية توزيع الميزانيات عبر تلك الوسائل، بمعنى أن إذا كان التلفزيون وحده يستحوذ فى الماضي على 60% من الميزانية، فالآن ستنخفض هذه النسبة إلى 40% على أن تتوزع الـ 60% المتبقية على بقية الوسائل.
جوهر نبيل: 3 مليار جنيه إجمالي الإنفاق الإعلاني المتوقع على التليفزيون مقابل 700 مليون للديجيتال
من جانبه، توقع جوهر نبيل، المؤسس والرئيس التنيفيذي لوكالة كايرو ميديا سوليوشنز، تواجد الإعلانات الرقمية هذا العام بشكل أقوى مما سبق، بعد أن تسببت أزمة كورونا فى حدوث طفرة على مستوى استخدام الوسائل الرقمية فى العالم كله وليس مصر فقط، سواء منصات المشاهدة الرقمية أو التجارة الإلكترونية، مما دفع المعلنون نحوها نظرا لارتفاع العائد على الاستثمار من الإعلان عليها مقارنة بتكلفتها، على عكس التليفزيون الذى أصبح مهددا من قبل الديجيتال ونفس الحال بالنسبة للصحف والراديو، مشديا بالمجموعة المتحدة للخدمات الإعلانية “UMS” التى فكرت مبكرا فى إطلاق منصة “Watch it” لمواكبة اهتمام الجمهور بمنصات المشاهدة حسب الطلب.
وأوضح أن ما قبل عام 2011 كان الإنفاق الإعلانى الرقمي ضعيف جدا، حيث كان يستحوذ التليفزيون على الحصة الأكبر ويليه الأوت دور ثم الراديو والصحف وأخيرا الوسائل الرقمية، أما الآن أصبح الديجيتال فى مقدمة الوسائل نظرا لاستطاعته تحقيق أفضل الأهداف سواء المتعلقة بالمبيعات المباشرة أو البراندينج أو بناء الوعي تجاه العلامات التجارية أو المنتجات بالإضافة إلى العامل الأهم وهو أن المعلن يستطيع من خلاله قياس أداء الحملة بشكل موثق ومفصل، مما جعله الأداة الثانية أو الثالثة من حيث الترتيب بالنسبة للإدارة الإعلانية لأي شركة (حسب طبيعة عملها).
ويرى نبيل أن الديجيتال سيسحب حصة كبيرة من التليفزيون هذا الموسم، استكمالا لما بدأه منذ عشر سنوات وفي ظل تغير السلوك الشخصي لمستخدمي الأون لاين وتزايد استخدامه في رمضان، لاسيما في ظل لجوء البعض لمشاهدة محتواه المفضل عبر المنصات الرقمية لتجنب مشاهدة الفواصل الإعلانية على التليفزيون التقليدي، مؤكدا أن ذلك يمثل تهديدا مستقبليا لحصة التليفزيون الإعلانية.
وتوقع أن يتراوح إجمالي الإنفاق على التليفزيون في شهر رمضان المقبل ما بين 2.5 و 3 مليار جنيه، على أن يبلغ حجم الإنفاق على الديجيتال ما بين 20 و 25% من تلك القيمة، أي في حدود 500 إلى 700 مليون جنيه.
وأشار إلى أن ثقافة المسوقين اختلفت عن الماضي نظرا لاختلاف المعطيات، بدليل أن حتى البرامج والمسسلات التليفزيونية أصبح لها تواجد قوي على السوشيال ميديا، الأمر الذي جذب انظار المسوقين؛ من أصحاب الميزانيات المتوسطة فيما أقل؛ نحو التواجد إعلانيا عبر صفحاتها الرسمية، خاصة بعد أزمة كورونا.
ولفت إلى أن السوشيال ميديا أصبحت تمثل مصدر ربح كبير للفضائيات التى استوعبت التحولات في سلوك المستهلك مبكرا، وباتت تهتم بصفحاتها سواء العامة أو المخصصة لكل عمل على حده، لافتا إلى أن بالماضي كان نجاح الفضائيات إعلانيا مرتبط بحجم المشاهدات فقط، أما الآن فأصبح هناك عاملا جديدا وهو عدد المتابعين عبر السوشيال ميديا لتلك القنوات وكذلك الصفحات الرسمية للمسلسل أو البرنامج نفسه.
محمد المهيري: المعلنون على دراية كاملة بتأثير المنصات الإلكترونية ومؤمنون بضرورة مواكبة التطور
قال محمد المهيرى، الرئيس التنفيذى لشركة “كونكت آدز”، إن شهر رمضان بدأ يستعيد عافيته على المستوى الإعلاني منذ أربع سنوات، سبقها اتجاه عدد من العلامات التجارية لتقليص حجم إنفاقها على التليفزيون، حتى بدأت القنوات فى إدراك أهمية الديجيتال وبدأت التواجد رقميا من خلال صفحاتها على يوتيوب، قبل أن تضاف إليها المنصات الرقمية للمشاهدة حسب الطلب مثل “Watch it” وغيرها من المنصات التى أصبح لها تواجد عبر شاشات التليفزيون الذكية والهواتف المحمولة بمختلف أنواعها، مثل “Starz Play” و “Netflix” .
أضاف أن تلك المنصات أضافت ثقل لإمكانية الوصول لمحتوى رمضان بسهولة، لدرجة أن بعض الشركات مثل “Viu Clip” بدأت تنتج محتوي مخصص لشهر رمضان، مما يشير إلى أن التطور الذى بدأ منذ 4 سنوات فى زيادة مستمرة، بدعم من التطور الواضح في سلوك المستهلكين فيما يتعلق باستهلاك وسائل الإعلام.
تابع: وفي ظل هذا التطور فى سلوك المستخدمين، ظهرت جائحة كورونا التى تسببت فى تواجد الناس بالمنازل لوقت أطول وما نتج عنه من استخدام أكبر للإنترنت، الأمر الذى أعطى حافزا أكبر لكلا من المعلنين وصناع المحتوى للتواجد رقميا بشكل أوسع من خلال منصات المشاهدة الإلكترونية.
وأكد أن التليفزيون لازال متواجدا وسط هذا التطور الرقمى، إذ أن هناك شريحة كبيرة من الجمهور لازالت لا تستخدم تلك التطبيقات الرقمية، ولكن المعلن على دراية كاملة بتأثير الديجيتال، ومؤمن بضرورة مواكبة التطور.
يمكنك الآن تحميل نسختك الرقمية (المجانية) من مجلة “تشيف ماركتنج أوفيسرز” من خلال هذا الرابط.