مع الهزة التى شهدها القطاع العقاري فى النصف الأول من العام الماضي بسبب انتشار وباء كورونا، وتراجع مبيعاته بنحو 50%، استقبل القطاع عام 2021 حاملا آمالا قوية للتعافي خاصة مع صدور اللقاحات.
ولأن التسويق أحد الأدوات الهامة التى يعول عليها القطاع لاستعادة عافيته خاصة خلال الموسم الرمضاني، الأهم إعلانيا للعديد من القطاعات ومن بينهم القطاع العقاري، حاورت مجلة “CMOs” عاليا النجدي، رئيس قطاع التسويق والعلاقات العامة بشركة “إيوان” للتطوير العقاري للحديث عن السوق العقاري ومدى تأثير جائحة كورونا على الخطط التسويقية للشركات، والاستراتيجيات التسويقية الفعالة فى ظل استمرار الجائحة، وغيرها من الأسئلة التى ستجيب عليها في الحوار التالي..
- التغيرات في السلوكيات الشرائية للمستهلك وجهت استثماراتنا للتسويق الرقمي.
- الابتعاد عن أصول التسويق والتركيز على الأهداف البيعية فقط أضر بالقطاع.
- العلاقات العامة استحوذت على 70% من استراتيجيات 2020 مقابل 30% فقط للتسويق.
بداية.. حدثينا عن إيوان للاستثمار والتنمية العقارية مع توضيح سابقة أعمالها.
تتواجد إيوان للتطوير العقارى في السوق المصرية منذ أكثر من 18 عام، ويرأسها المهندس وليد مختار، المؤسس الرئيسي والرئيس التنفيذي للشركه ، وتمتلك حاليا 8 مشروعات موزعين بين مدينتي 6 أكتوبر والشيخ زايد، منهم 4 مشروعات تم تسليهم فعليا هم (جيره و جوار و جدار وجبيل)، واثنان تحت التسليم هما (أتريو و ألما)، وآخرين تحت الإنشاء هما “أكسز”، بالإضافة إلى “ماجادا” وهو أحدث مشروعات الشركة بالجلاله -العين السخنة، والذى تم إطلاقه منذ نحو عام ونصف، وهو على بعد ثلاث دقائق من مدينة الجلالة، ومقام على مساحة 100 فدان، وبه وحدات متنوعة مابين فيلات، توين هاوس، شاليهات، ستوديوهات، Loft، وهو حاليا في مرحلة الإنشاءات.
هل هناك نية الاستثمار في مدن جديدة خلال الفترة القادمة أو افتتاح مكاتب بيع بالخارج؟
بالفعل كانت هناك نية للتواجد داخل منطقة التجمع بالقاهرة الجديدة، لكن تم تأجيل الفكرة بسبب أزمة كورونا، ولازالت هناك خطط لتوسعات أخرى في مدن جديدة، أما فيما يتعلق بافتتاح مكاتب مبيعات خارج مصر، فنحن لسنا بحاجة لذلك، إذ نستعين بقنوات تسويقية أخرى مثل البركرز والتواجد بالمعارض الخارجية، بالإضافة للتسويق الإلكتروني.
ما هي أهم ملامح الاستراتيجية التسويقية للشركة والتى ستعول عليها لتحقيق مستهدفات 2021؟
استراجيتينا التسويقية تغيرت بشكل كبير العام الماضي وترى بعض التغييرات في العام الجاري أيضًا بسسب التغيير الذي احدثه كوفيد على المستوى الاقتصادي والمجتمعي قبل القطاع العقاري، والذي يتمثل في التغيرات في سلوك المستهلك فيما يتعلق بالتسوق والشراء الذي اتجه بشكل كبير للوسائل الرقمية والمنصات الالكترونية.
وكشفت دراسة أن الوباء غير طريقة تعاملنا مع الإنترنت، 39٪ من المستخدمين يقضون وقتًا أطول على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك من الحكمة توجيه استثماراتنا نحو أساليب التسويق عبر الإنترنت التي توفر عائد استثماري مناسب.
بالطبع هناك تغييرات في حركة المرور الرقمية للمستخدمين على المواقع الالكترونية، ولهذا السبب نعمل على استراتيجية تسويقية بمحتوى جديد وقوي لتعزيز التواصل مع عملائنا ويحافظ على بناء العلامة التجارية وابقائها حية وظاهرة في اذهان عملائنا وهي خطوة تنعكس على مبيعاتنا ايضا بشكل كبير على المدى الطويل وليس العام الجاري فحسب.
برأيك.. إلى أي مدى تأثر القطاع العقاري بجائحة كورونا فيما يتعلق بحركة البيع والشراء؟
بالرغم من ان القطاع العقاري من اكثر القطاعات تماسكا والاقل تأثرا في بداية أزمة فيروس كورونا نظرا لكميات الوحدات السكنية التى تطرحها الدولة وعزوفها على إنشاء مدن جديدة وعمل المطورين على اطلاق مشروعات سكنية جديدة ايضًا، الا اننا لاحظنا انخفاض في الاقبال على الشراء بسبب حالة القلق والخوف والترقب، مما أثر على حركة البيع والشراء وبالتالي اداء المبيعات التي انخفضت في النصف الاول من العام الماضي بنحو 50%، ولكن مع صدور اللقاحات وبداية تطعيم المواطنين ضد فيروس كورونا خلال الأشهر القادمة وتعافي قوة الطلب على العقارات ونشاط حركة التسويق للمنتجات العقارية سنرى اقبالا أكبر على شراء العقارات وسنرى تعافي بمعدل المبيعات على مستوى القطاع بأكمله.
وكيف انعكس ذلك علي الخطط التسويقية للشركات العاملة بالقطاع؟
الضربة التى تلقاها القطاع العقاري مع بداية انتشار وباء كورونا دفعت الشركات لإعادة ترتيب حسابتها والتفكير بشكل إيجابي، وذلك بالعودة لأصول التسويق بعد أن عاني السوق لفترة طويلة بسبب اقتصار التفكير على المبيعات فقط من خلال تقديم عروض وطرق دفع تنافسية دون وضع استراتيجات تسويق حقيقية تتماشى مع الأهداف البيعية.
يرجع السبب وراء ذلك إلى زيادة عدد الشركات المتواجدة بالسوق، مما أدى إلى تلك الممارسات التى أضاعت شخصية الشركات، خاصة أن القطاع العقاري حساس جدا، وقرار العميل بالشراء يجب أن يكون مدفوعا ببعض العوامل مثل ماهية الشركة صاحبة المشروع وتاريخها ورؤيتها ومدى مصداقيتها، وهو ما تفتقده بعض الشركات الجديدة على السوق.
لذا أعتقد أن الشركات ستعاود الاهتمام بالـ”Corporate Identity” بعد أن أصبح البيت أكثر من مجرد 4 حوائط، إذ أن مفهوم الكومباوند لدى العميل وقراره بالانتقال للعيش فيه مرتبط برغبته في الحصول على تجربة مستخدم معينة تدفعه لاختيار مجتمع سكني دون الآخر، وهنا لعبة التسويق مع المطورين، بمعنى أنه بمجرد شراء قطعة الأرض التى سيقام عليها المشروع يجب أن يجلس فريق التسويق مع المطورين لدراسة احتياجات السوق جيدا وثقافة العملاء المستهدفين، وكذلك ثقافة المنطقة نفسها، مما يمكن الفريقين من ضع كونسبت المشروع والخطة الرئيسية لإنشائه، بالتوازي مع الخطة التسويقية، لكي تكون قائمة على الترويج لشيئ حقيقي في أرض الواقع وليس خيال بغرض البيع فقط.
وما سبب اتجاه الشركات لتفضيل البيع أولا عن التسويق؟
في الحقيقة، ما حدث بعد التعويم جعل القطاع العقاري جاذبا للمستثمرين، وعلى الرغم من وصول فوائد البنوك إلى 20% لكن العائد على الاستثمار “ROI” بالقطاع العقاري ظل أعلي من البنك، وبالتالي ارتفع الاستثمار في العقار بنسبة 350%، وارتفع عدد المستثمرين به من نحو 50:60 مطور في ذلك التوقيت إلى ما يزيد عن 200 شركة الآن.
بالطبع تسبب ذلك في زيادة العرض عن الطلب، وبالتالى اندفع البعض لعرض خطط سداد وصلت إلى ما يزيد عن 14 عام في الوقت الذي كان الحد الأقصي لها 6 سنوات، مما أثر سلبا على القطاع إذ واجهت الشركات فيما بعد مشاكل في التدفقات النقدية لأن التحصيل كان أقل مما تحتاجه بعض المشروعات من أجل الاستكمال، وبالتالى تأخرت الشركات عن مواعيد التسليم بالتزامن مع الارتفاعات الكبيرة في أسعار المواد البنائية، ثم حدوث جائحة كورونا، مما أحدث خللا فى المعادلة.
في النهاية اكتشفنا أن العميل هو الأذكي، وأن خطط السداد وحدها ليست ما تدفعه تجاه اتخاذ قرار الشراء، إنما شخصية الشركة وعلامتها التجارية وتاريخها في التسليم، وحتي شخصية المشروع في حد ذاته، ثم تكتمل هذه الدائرة بكيفية التواصل مع العميل وإيصال الرسالة له من خلال الخطة التسويقية الموضوعة، وبالطبع نحن في “إيوان” نعمل بهذا الفكر وهذه الاستراتيجية منذ البداية.
- المبالغة فى ميزانيات التسويق الإلكترونى رفعت سعر الـ”Lead” لما يتراوح بين 25 و 50 دولارا.
- الاستثمار في العقار زاد بنسبة 350% بعد التعويم، وعدد الشركات ارتفع بشكل كبير.
هل تغيرت أولويات المستهلكين خلال عام الجائحة نال من الفكرة القائمة على أن العقار هو الملاذ الآمن والأفضل للاستثمار فى الوقت الحالي؟
بالرغم من موجات التغيير التي شهدها القطاع العقاري على مستوى الطلب والاقبال على الشراء ونسبة المبيعات وغيره، إلا أن فكرة الأمان في الاستثمار العقاري لازالت قائمة حتى بعد الأزمة وهو شئ ملحوظ في قوة الطلب مع بداية انفراج ازمة كورونا، بالإضافة إلى عوامل اخرى مثل التزايد السكاني وخاصة من فئة الشباب الذين تترواح اعمارهم بين ال 24 إلى 37 والذين يمثلون واحدة من أكبر الفئات في القوة الشرائية وهم جزء كبير من الشريحة المستهدفة لان منهم اصحاب الشركات والمديرين والعاملين في جمع القطاعات الهامة اقتصاديا.
وتشير الدراسات إلى أن نسبة الشباب من جيل الألفية الذين يعملون بدوام كامل قد ارتفعت من 48٪ في عام 2013 إلى 65٪ في عام 2020، 53٪ منهم آباء، و 74٪ منهم يمتلكون منازل ووحدات سكنية بينما يستثمر 16٪ فقط منهم في العقارات، مما يعني أنهم عامل قوي ومؤثر في مجال الاستثمار العقاري.
هل هناك بعض الممارسات التسويقية التى أضرت بالقطاع خلال فترة الجائحة؟
للأسف الازدحام فى الإعلانات الخارجية الذى شهده القطاع العقاري خلال فترة ما قبل الكورونا انتقل حاليا للتسويق الإلكترونى، مما تسبب فى ارتفاع سعر الـ”Leads” على السوشيال ميديا لنحو 25 دولار تقريبا على “فيس بوك”، بل وتصل أحيانا إلى 50 دولار في بعض المنصات مثل “لينكد إن” مع انخفاض نسبة الـ”Qualified” منها لنحو 30% فقط مقارنة بفترة ما قبل الجائحة (منذ عامين تقريبا)، والتي التى كانت تصل فيها لما يتراوح بين 60 و 70% من حيث الجودة.
إلي أي مدى لعبت العلاقات العامة دورا في مساندة القطاع العقاري وقت الجائحة؟
إن الاهتمام بالعلاقات العامة والاتصال المؤسسي ارتفع بصورة كبيرة العام الماضي بسبب الجائحة، إذ وجهت الشركات نحو 70% من استراتيجياتها لأنشطة العلاقات العامة مقابل 30% فقط للتسويق، ويرجع ذلك لمدى إدارك الشركات لدورها وقت الأزمات.
ويجب التأكيد على نقطة هامة وهي أن مثلما اختيار المنصات التسويقية عامل هام فى مخاطبة الجمهور الصحيح، فإن اختيار الوسيلة الإعلامية الصحيحة لمخاطبة الجمهور يحمل نفس الأهمية لأن العبرة ليست بعدد الصحف التى تنشر أخبار الشركة على سبيل المثال، وإنما بمدى ملاءمة المادة المنشورة والرسالة المرغوب توصيلها مع نوعية الصحيفة وتخصصها.
كيف تتوقعين التواجد الإعلاني للقطاع العقاري فى موسم رمضان المقبل في ظل حالة الركود التى يعانى منها القطاع حاليا منذ تفشي جائحة كورونا؟
دعنا نتفق أن موسم رمضان مرتبط أكثر بالتليفزيون، وعلى الرغم من أن الإنفاق الإعلاني من القطاع العقارى على التلفزيون بدأ يتناقص منذ فترة بعد أن اتجهت شريحة كبيرة من المشاهدين لمتابعة أعمالهم المفضلة على المنصات الرقمية، إلا أن العام الماضي شهد عودة قوية للإنفاق بسبب الجائحة وما تسببت فيه الاجراءات الاحترازية والعزل المنزلي من زيادة نسب المشاهدة، وأعتقد أنها ستستمر هذا العام أيضا، لتكون فرصة للمطورين لرصد ميزانيات إعلانية للتليفزيون خلال شهر رمضان لما له من أهمية كوسيلة إعلانية فعالة فى رمضان، وإن كانت قد تراجعت مؤخرا قليلا لصالح الديجيتال.
وكيف تستعد شركتكم لموسم شهر رمضان كأهم موسم إعلاني على مدار العام؟
تعمل أيوان باستراتيجية تسويقية لعام 2021 ككل، وهي تركز على الاستثمار في عملائها الحاليين والذي يبلغ عددهم أكثر من 3000 عميل، وقد بدأ معظم المطورين يتبعون نفس النهج مؤخرا، بعد أن أكدت معظم الدراسات أن نسبة الحصول على عميل جديد عن طريق عميل حالي تصل إلي 70% ، فين حين تتراوح النسبة بين 5 إلى 20% فقط فى حالة تحويل “Lead” عادي إلى عميل جديد للشركة.
لذا فإن الاستثمار فى العملاء الحاليين هو نوع من أنواع التسويق الأسهل والأقل تكلفة بالنسبة للشركات التى تمكلك قاعدة عملاء كبيرة مثل “إيوان” في ظل الوضع الحالي، جنبا إلى جنب مع التسويق عبر المنصات الرقمية، وبالفعل نحن نعمل حاليا على التسويق لمشروعي “MAJADA” في الجلالة، و “AXIS” فى أكتوبر بهذه الاستراتيجية، مع استبعاد التليفزيون والأوت دور خلال شهر رمضان.
أخيرا.. بم تنصحين المسوقين العاملين بالقطاع العقاري للتكيف مع تبعات أزمة كورونا عند وضع استراتيجياتهم التسويقية؟
في الأوقات الصعبة، لا يرغب المستهلكون في استمرار العلامات التجارية في تقديم إعلانات لهم، بل يريدون من شخص ما أن يقدم لهم الدعم والتوجيه، ذلك من خلال تقديم محتوى يخاطب العملاء ويقدم لهم المساعدة والدعم المعنوي وعدم اقتصاره على التركيز على الجانب التجاري فقط من المعادلة، وهذه هي احد خطواتنا للعام السابق والعام الجاري ايضا لحين انتهاء العالم بأجمعه من الأزمة، وذلك من ايماننا بان العملاء يتذكرون مصداقيتك كشركة متعاونة ومتفهمة خلال أوقات الأزمات.
يمكنك الآن تحميل نسختك الرقمية (المجانية) من مجلة “تشيف ماركتنج أوفيسرز” من خلال هذا الرابط.