هل بات التقويم الموسمي التقليدي للعلاقات الإعلامية في الشركات والمؤسسات العامة بعد حدوث الجائحة، مناسبًا لها في تحقيق مصالحها؟ أم أن الأمر يتطلب استراتيجيات علاقات عامة جديدة؟
في تصوري الشخصي والمهني ينبغي أن أن تكون الإجابة على هذه الأسئلة محور ارتكاز المسؤولين عن هذا المسار القطاعات المستهدفة، خاصة أن أزمة كورونا الصحية قد أحدثت تغييرًا جوهريًا في سبل تواصلها مع موظفيها، وعملائها.
“كورونا” غيّر من أسلوب حياتنا وعاداتنا اليومية شئنا أم أبينا، وانقلب الأمر في المنظومة العامة بـ 360 درجة، ومن بين تلك التغييرات ما حدث في بنية وسائل الإعلام، فقد أصبح كثير من الإعلاميين والصحفيين يعملون عن بُعد، وانتقلت إدارة الصحف من مقرات الأعمال إلى المنازل، وأوقفت صحف أخرى نسخها الورقية واكتفت بالرقمية وترويجها على منصاتها للتواصل الاجتماعي.
في اعتقادي أن أزمة كورونا شكلت تحدياً كبيراً للشركات؛ إذ لم يسبق لها أن مرت بهكذا ظرف استثنائي، ولذا عليها تغيير الخطط، والحملات، والاستراتيجيات السابقة، وأن تبتعد عن المسار التقليدي الذي كانت تعمل به قبل الأزمة، والاتجاه لخلق فرص مبتكرة أفرزها الواقع الجديد؛ بما يضمن استمرارها، ونجاحها، وتعزيز وجودها في السوق، وخدمة عملائها.
يحتّم الواقع الاستثنائي الذي تعيشه الشركات عليها دخول المرحلة الجديدة بأدوات تناسبها، وبنهج جديد للتواصل يتماشى مع المزاج العام للجمهور في زمن الأزمة، وباستراتيجيات علاقات عامة جديدة ومدروسة، ما يُمكنها من التعاطي مع هذه المتغيرات، ويضمن لها عند التعامل تعزيز سمعة علامتها التجارية ومكانتها، وإدارة أعمالها بشكل ناجح مع وسائل الإعلام.
ومن بين تلك الاستراتيجيات: التواصل الإعلامي، وهو ما ركزت عليه وحدة الدراسات التحليلية بشركة W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية في دليلها الإرشادي الجديد الذي حمل عنوان “استراتيجية علاقات إعلامية فاعلة للتعامل مع المرحلة الانتقالية لكورونا”، والذي تضمن سبع خطوات، في مقدمتها تقييم الاستراتيجيات؛ لفهم السوق والجمهور المستهدف، والتناغم والتوافق مع دورة أخبار “كورونا”، والتركيز على إبراز المساهمة المجتمعية، وأهمية وجود القيادة الريادية المستجيبة للتعامل مع الأزمات؛ للحفاظ على سمعة المنظمة إيجابيًا، والتي تجيد التعامل مع الإعلام.
كما كان من العوامل التي سلط عليها الدليل الإرشادي الضوء: مجالات تأثيرها الاجتماعي، ودعم كل آرائها بالبيانات والمعلومات، فكلما كانت معلوماتها أكثر شمولاً وملاءمة؛ زاد احتمال حصولها على تغطية إعلامية فعالة وموسعة، ولأن الأزمات تخلق فرصاً، وفي أي أزمة سيكون هناك رابحون وخاسرون؛ فإن الشركات الرابحة في عهد ما بعد كورونا هي التي تتعايش مع مراحل الأزمة المختلفة، وباستراتيجيات تواصل علمية مدروسة، ما أريد قوله إن الأزمة تشكل اختبارًا للشركات في كسب ثقة جمهورها، والمحافظة عليه.
إن تأخر الشركات والمؤسسات في الأخذ بالاستراتيجيات الإعلامية غير التقليدية سيلحق بها خسائر كبيرة، وقد تفقد جزءًا من عملائها لصالح الجهات المنافسة التي استطاعت أن تساير المرحلة الانتقالية لوباء كورونا.
وختاماً.. فإن الشركات التي ستستجيب سريعاً لأزمة كورونا، وتملك استراتيجيات تواصل، وإدارة مبتكرة، ورؤى ملهمة، وقيادة ريادية تتسابق لتقديم خدماتها، هي التي ستعزز وجودها في سوق العمل، وتدعم نجاحاتها، وتصبح أكبر وأقوى مما كانت عليه قبل الأزمة.