بينما تستعد المجتمعات في جميع أنحاء العالم لاستقبال شهر رمضان المبارك، شهر التآزر ولمّ الشمل، يبحث المعلنون والمسوّقون عن أفضل الطرق للوصول إلى هذه المجتمعات وبشكل يعكس الجوهر الحقيقي لهذا الشهر الفضيل. فهذا الشهر يتمتّع بأهمية كبرى بالنسبة للعلامات التجارية في المنطقة حتّى أنّ أكثر من ثلث ميزانيات التسويق السنوية يتمّ تخصيصها للإنفاق خلال هذه الفترة الأساسية من السنة. ولكن كيف يمكن للعلامات التجارية أن تتواصل بالفعل مع مجموعة متنوّعة من المجتمعات التي تحتفل بالشهر الكريم؟ وهل يمكن أن تنتمي حقاً إليها؟
مفارقة الانتماء
تطمح كلّ علامة تجارية إلى الانتماء خلال الشهر المبارك والانضمام إلى هذه الفترة، التي تشتهر بلمّ الشمل، وأن تبقى في صميم التجربة المميّزة بدل أن تكون بعيدةً عنها. سواء كانت علامة تجارية لبيع الألبان والأجبان أو مصرفاً أو تاجر تجزئة للمعدات الرياضية، يبقى الهدف الأساسي لكلّ علامة تضمين المنتج والعلامة التجارية في لحظات رمضانية مهمة مثل الأوقات العائلية أو الإفطار أو أوقات التسوّق وغيرها. وأدى ذلك إلى ظاهرة تزدادُ أهميةً كل سنة مع قدوم الشهر الفضيل، وهي ظاهرة نحب أن نطلق عليها تسمية “مفارقة الانتماء”.
وفي حين يسعى الجميع إلى الانتماء إلى لحظةٍ تتشاركها وتتقاسمها آلاف العلامات التجارية، ينتهي الأمر في ظهور كلّ العلامات بنفس الطريقة. وهذا هو جوهر مفارقة الانتماء. ففي سعيها لتحقيق ذلك الانتماء إلى اللحظة الرمضانية المميّزة، تفقد العلامات جوهرها الحقيقي حيث تطغى السيناريوهات السطحية والمرئيات النمطية المرتبطة بتلك اللحظة. فكم عدد الإعلانات الرمضانية التي تعرض تجمعات عائلية كبيرة على مائدة إفطار أو فوانيس ملونة أو نجوم وهلال؟
نتيجةً لتلك الرغبة والاندفاع إلى تحقيق الانتماء، تصبح العلامات غارقةً في بحرٍ من التشابه والتكرار.
الانتماء بتميّز
كيف يمكن إذاً للعلامات التجارية أن تحافظ على طابعها الفريد في لحظةٍ تتشاركها آلاف العلامات الأخرى؟ كيف يمكن أن تتشارك اللحظة مع الآخرين والبقاء وفية لجوهر العلامة وطابعها الخاص؟
لتحقيق ذلك، يجب على العلامات أن تحيط بمختلف جوانب هذا الشهر المميّز فتصبح إمكانات التسويق غير محدودة، حيث يمكن الاحتفال به بطرق مختلفة ومن خلال وجوه وأصوات مفهمة بالحياة، إضافةً إلى المجتمعات العديدة التي يمكن التعبير من خلالها.
ويجب العلامات التجارية أن تتذكّر أن الشهر الفضيل يخبر حكاية أوقات مميّزة، حيث تجتمع خلاله العائلات والأشخاص من مختلف الخلفيات والاهتمامات والأعمار. وسواء كانوا يشاهدون افتراضياً إطلاق مدفع الإفطار عند أذان المغرب في دبي أو يتنزّهون في السوق في القاهرة، تسود أجواءٌ من البهجة والفرح ويستمتع الناس بما يحمله معه الشهر الفضيل من تقاليد احتفالية ولحظات قيّمة.
وفي هذا السياق، تتفاعل المجتمعات مع أنواع المحتوى التي تتحدث إليها وتطال اهتماماتها، مما يعزز نمو مختلف الفئات من المحتوى. ومن الترفيه إلى الطعام والجمال وما إلى ذلك، تشهد كل فئة من هذه الفئات زيادة ملحوظة في الاستهلاك خلال شهر رمضان مقارنة بالمتوسّط الشهري العادي.
وعلى مدار السنة، وخلال شهر رمضان المبارك بشكلٍ خاص، نرى المستخدمين يلتفّون حول مجتمعات وثقافات فرعية تتشارك المشاعر والقيم والاهتمامات والأفكار الفريدة نفسها. وبغض النظر عن مدى انتشاره أو مدى تخصصه، ثمّة مجتمع للجميع.
وهذه المجتمعات تفسح المجال أمام تنوع كبير في اللحظات. على سبيل المثال، المحتوى الموجود في مجتمع #FoodTok ليس مخصّصاً لربّات المنازل فحسب بل هو موجّه لكلّ العائلة، ومجتمع #إفطار ليس دوماً عبارة عن لحظات مثالية، ولكن يمكن أن يكون محتوىً صادقاً ينقل صورةً حقيقية بدون أيّ تجميل أو تعديل، و #الترفيه ليس فقط لنجوم التلفزيون، حيث يمكن للجميع أن يكونوا نجوماً في مقاطع الفيديو الخاصة بهم.
بالتالي، من خلال الاستفادة من تلك المجتمعات واللحظات، يمكن للعلامات التجارية بناء صلة متمايزة، أو بعبارة أخرى، تقديم محتوىً ذات قيمة فريدة.
ثلاثة عناصر أساسية
من أجل أن نفهم ما تبدو عليه تلك الصورة من الناحية العملية، نحتاج إلى التركيز على العناصر الأساسية الثلاثة، وهي المحتوى وصانعي المحتوى والمجتمعات، والتي تحيي ذلك التميز ولكن مع الارتباط بالموضوع الجوهري.
المحتوى
يمكن للعلامات التجارية أن تنتمي بتميز ببقائها وفيّة لجوهرها ورسالتها وصورتها ولكن من خلال إعادة تصوّرها بالاستعانة بالأساليب والنسق المُتاحة على المنصّة.
من خلال الجمع بين العناصر الأساسية الخاصة بالعلامة التجارية والميزات الإبداعية والأصوات المعروفة واللغة الخاصة، يمكن للمسوقين صياغة محتوى يندمج بسلاسة ضمن الوقت التعليمي الترفيهي للمستخدمين، مع الحفاظ على روح العلامة التجارية.
صانعو المحتوى
من خلال التعاون مع صانعي المحتوى يتمتّعون بالقدرة على سرد القصص بأسلوب مميّز، وبصوت أصيل ومقنع، ومعرفة بأحدث الاتّجاهات، يمكن أيضاً للعلامات التجارية أن تحقق الانتماء بتميّز.
وفي شهر رمضان المبارك، تساعد أصالة تلك الشخصيات إلى جانب شعور المجتمعات بوجود رابط بها على تحقيق الأهداف المرجوّة للعلامات التجارية، حيث يتطلّع المستخدمون إليهم بكلّ شيء بدءاً من وصفات الإفطار إلى مقاطع الفيديو التي تصوّر فتح العلب والهدايا أو حتى وصولاً إلى المقاطع الكوميدية.
المجتمعات
حين تدعو العلامات التجارية جمهورها إلى سرد قصصهم الحقيقية خلال أكثر شهور السنة جماهيرية، تكون النتائج إيجابية بشكل ملحوظ.
من FoodTok إلى GamerTok، وكلّ ما بينهما، يقدّم هذا الشهر الكريم، الذي يمثّل شهر التآزر والتآلف، الوقت الأمثل للاستفادة من قوّة المجتمعات والثقافات الفرعية.
في النهاية، يبقى المستخدم في صميم كلّ ذلك. ومع تطوّر المحتوى والمشهد الرقمي، بتنا اليوم نرى عدداً لافتاً من المستهلكين الذين يشاركون بشكل ناشط في إنشاء المحتوى الخاص بعلامات تجارية يجدون أنّها تمثلهم أو تهمّهم والتفاعل معه.
رمضان على تيك توك
برزت تيك توك كمنصة يمكن أن تنتمي إليها العلامات التجارية بشكل مختلف ومتميّز في رمضان، وذلك من خلال مجتمعاتها المتنوعة والمترابطة – أو “Tok’s” ونهجها المبتكر للتسويق والإعلان الأصيل والحقيقي والإيجابي والممتع.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عام 2022، تجاوز متوسط الوقت الذي يمضيه المستخدم على تيك توك الوقت الذي يمضيه في أي نشاط آخر على جهازه المحمول، بما في ذلك الألعاب والتواصل الاجتماعي والفيديو والرسائل، وذلك وفقاً لبحث صادر عن IPSOS و .App Annie ووجد البحث أيضاً أن تيك توك ألهمت المستخدمين للتسوق 1.6 مرّات أكثر مما كان مخططًا له، حيث قال 83% من المستخدمين إنهم اكتشفوا شيئاً جديداً ووجدوا الإلهام على المنصة. ويمكن أن يأتي هذا الإلهام على شكل نصائح وحيل، أو أفكار للإفطار والسحور، أو نصائح في الموضة والأزياء، أو عروض خاصة، وما إلى ذلك من أجمل ما يقدّمه الشهر الفضيل.
الصيغة الفعالة
في شهر رمضان هذه السنة، تحظى العلامات التجارية بفرصة لتقديم محتوىً يتميّز بالتنوّع والشمولية، ومشاركة لحظات الفرح والمشاركة مع المجتمع، والانتماء ولكن بتميّز. ومن خلال الاستفادة من شغف المجتمعات الموجودة على الإنترنت من خلال محتوى أصيل وجذاب يقدمه صانعو محتوى يحاكون اهتماماتهم، يمكن للعلامات التجارية المشاركة في لحظة يتشاركها الجميع بشكل مختلف ومتميّز، وترسيخ حضورها في قلب الشهر الفضيل ولكن مع الحفاظ على جوهرها وأصالتها. أمّا الصيغة الرابحة في شهر رمضان لعام 2023 فهي #انتمي_بتميّز.